فصل: وأما تأييده بقتال الملائكة معه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.وأما تأييده بقتال الملائكة معه:

فخرج البخاري من حديث يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقيّ عن أبيه- وكان أبوه من أهل بدر- قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: «ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة». ومن حديث خالد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال يوم بدر: «هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب». ولمسلم قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط، فاخضرّ ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين. ولعثمان بن سعيد الدارميّ من حديث معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عزّ وجلّ: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} 8: 7، قال: أقبلت عير مكة تريد الشام، فبلغ أهل مكة ذلك، فخرجوا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم يريدون العير، فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا السير إليها لكيلا يغلب عليها النبي صلى الله عليه وسلّم، وكان الله عز وجل قد وعدهم إحدى الطائفتين، وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم وأيسر شوكة، وأحضر مغنما، فلما سبقت العير وفاتت سار رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالمسلمين يريد القوم، فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلّم والمسلمين بينهم وبين الماء رملة دعصة، فأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم القنط يوسوسهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا، فأمطر الله عليهم مطرا شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا، فأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وصار الرمل كذا، ذكر كلمة أخبر أنه أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمدّ نبيّه والمؤمنين بألف من الملائكة، فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة، وجاء إبليس في جند من الشياطين معه، رأيته في صورة رجال بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جشعم، فقال الشيطان للمشركين: {لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ من النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ} 8: 48، فلما اصطف القوم قال أبو جهل: اللَّهمّ أولانا بالحق فانصره.
ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يده فقال: «يا رب إنك إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا» فقال جبريل: خذ قبضة من التراب، فأخذ قبضة من تراب فرمى بها وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينه ومنخريه وفمه ترابا من تلك القبضة فولوا مدبرين، وأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس- لعنه الله- فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين، انتزع إبليس يده ثم ولى مدبرا وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة! لم تزعم أنك جار لنا؟ {وَقال إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ الله وَالله شَدِيدُ الْعِقابِ} 8: 48، وذلك حين رأى الملائكة.
وقال يونس عن ابن إسحاق: حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: وحدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله ابن أبي بكر وغيرهم من علمائنا، فذكر الحديث في يوم بدر إلى أن قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم في العريش هو وأبو بكر رضي الله عنه ما معهما غيرهما، وقد تداني القوم بعضهم من بعض، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم يناشد ربه ما وعده من نصره ويقول: «اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد» وأبو بكر رضي الله عنه يقول: بعض مناشدتك يا رسول الله فإن الله موفيك ما وعدك من نصره.
وخفق رسول الله صلى الله عليه وسلّم خفقة ثم هب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع»- يقول الغبار-، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعبأ أصحابه وهيأهم وقال: «لا يعجلن رجل بقتال حتى نؤذنه، فإذا أكثبوكم القوم- يقول: اقتربوا منكم- فانضحوهم عنكم بالنبل» ثم تزاحم الناس، فلما تداني بعضهم من بعض خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأخذ حفنة من حصباء ثم استقبل بها قريشا فنفخ بها في وجوههم وقال: «شاهت الوجوه»-يقول: قبحت الوجوه- ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «احملوا يا معشر المسلمين» فحمل المسلمون، وهزم الله قريشا، وقتل من قتل من أشرافهم، وأسر من أسر منهم. وقال يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق: قال عبد الله بن أبي بكر: حدثني بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة- وكان شهد بدرا- قال بعد أن أذهب بصره: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصري، لأريتكم الشّعب الّذي خرجت منه الملائكة.
وقال موسى بن عقبة: فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد قتل ابن الحضرميّ شهرين، ثم أقبل أبو سفيان بن حرب في عير لقريش من الشام، فذكر قصة بدر، إلى أن قال: وعجّ المسلمون إلى الله تعالى يسألونه النصر حين رأوا القتال قد نشب، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يديه إلى الله تعالى يسأله ما وعده ويسأله النصر ويقول: «اللَّهمّ إن ظهر على هذه العصابة ظهر الشرك ولم يقم لك دين» وأبو بكر رضي الله عنه يقول له: يا رسول الله، والّذي نفسي بيده لينصرنك الله عز وجل، وليبيض وجهك، فأنزل الله عز وجل من الملائكة جندا في أكتاف العدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «قد أنزل الله ونزلت الملائكة، أبشر يا أبا بكر فإنّي قد رأيت جبريل معتجرا يقود فرسا بين السماء والأرض» فلما هبط إلى الأرض جلس عليها فتغيب عني ساعة، ثم رأيت على شفته غبارا. وقال ابن إسحاق في رواية محمد بن عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكائي: حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر ونحن مشركان، ننظر الوقعة على من تكون الدائرة، فننتهب مع من ينتهب، فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم، فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه مات مكانه، وأما أنا فكدت أن أهلك ثم تماسكت.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق عن يسار عن رجال من بني مازن ابن النجار عن أبي داود المازني- وكان شهد بدرا- فقال: إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه، إذ وقع على رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحرث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضاء وأرسلوها في ظهورهم، ويوم حنين عمائم حمرا.
قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: العمائم تيجان العرب، وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضاء قد أرخوها على ظهورهم، إلا جبريل فقد كانت عليه عمامة صفراء.
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال: ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون.
وقال الواقدي: فحدثني عمر بن عقبة عن شعبة مولى ابن عباس قال: سمعت ابن عباس يقول: لما تواقف الناس- يعني يوم بدر- أغمى على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ساعة، ثم كشف عنه، فبشر المؤمنين بجبريل في جند من الملائكة في ميمنة الناس، وميكائيل في جند آخر في ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإسرافيل في جند آخر بألف، قال: وكانت سيما الملائكة عمائم قد أرخوها بين أكتافهم، خضرا وصفرا وحمرا من نور، والصوف في نواصي خيلهم.
وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن الملائكة قد سوّمت فسوّموا، فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم. وحدثني موسى بن محمد عن أبيه قال: كان أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعلمون في الزحوف: حمزة بن عبد المطلب معلم يوم بدر بريشة نعامة، وكان عليّ معلما بصوفة بيضاء، وكان الزبير معلما بعصابة صفراء، وكان الزبير يحدث: إن الملائكة نزلت يوم بدر على خيل بلق عليها عمائم صفر، وكان على الزبير يومئذ عصابة صفراء، وكان أبو دجانة يعلم بعصابة حمراء.
وقال الزبير بن بكار: حدثني علي بن صالح عن عامر بن صالح بن عبد الله ابن عروة بن الزبير، عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن الملائكة نزلت يوم بدر وهم طير بيض عليهم عمائم صفر، وكانت على الزبير يومئذ عمامة صفراء من بين الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «نزلت الملائكة اليوم على سيما أبي عبد الله» وجاء النبي صلى الله عليه وسلّم وعليه عمامة صفراء. حدثني أبو المكرم عقبة بن مكرم الضبي قال: حدثني مصعب بن سلام التميمي عن سعد بن طريف عن أبي جعفر محمد بن علي قال: كانت على الزبير بن العوام يوم بدر عمامة صفراء، فنزلت الملائكة وعليهم عمائم صفر. حدثني محمد بن حسن عن محمد بن يحيى عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه قال: نزلت الملائكة يوم بدر على سيما الزبير، عليهم عمائم صفر، وقد أرخوها في ظهورهم، وكانت على الزبير عمامة صفراء، وفي ذلك يقول عامر بن صالح ابن عبد الله بن عروة بن الزبير رضي الله عنه:
جدي بن عمة أحمد ووراء ** عند البلاء وفارس الشقراء

وغداة بدر كان أول فارس ** شهد الوغى في لأمة الصفراء

نزلت بسيماه الملائكة قصره ** بالحوض يوم بسالة الأعداء

وقال الواقدي: وحدثني عبد الله بن موسى بن أمية بن عبد الله بن أبي أمية عن مصعب بن عبد الله عن مولى لسهيل قال: سمعت بن عمرو يقول: لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض معلمين يقتلون ويأسرون.
وحدثني خارجة بن إبراهيم بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم جبريل: من القائل يوم بدر من الملائكة: «أقدم حيزوم»؟ فقال: يا محمد، ما كلّ أهل السماء أعرف. وحدثني عبد الرحمن بن الحرث عن أبيه عن جده عبيد بن أبي عبيد، عن أبي رهم الغفاريّ عن ابن عم له قال: بينما أنا وابن عم لي على ماء بدر، فلما رأينا قلة مع محمد وكثرة قريش قلنا: إذا التقت الفئتان عمدنا إلى عسكر محمد وأصحابه فانطلقنا إلى المجنّبة اليسري من أصحاب محمد ونحن نقول: هؤلاء ربع قريش، فبينا نحن نمشي في الميسرة إذ جاءت سحابة فغشيتنا، فرفعنا أبصارنا إليها فسمعنا أصوات الرجال والسلاح، وسمعنا رجلا يقول لفرسه: أقدم حيزوم، وسمعناهم يقولون: رويدا تتامّ أخراكم، فنزلوا على ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ثم جاءت أخرى مثل تلك، فكانت مع النبي صلى الله عليه وسلّم، فنظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه، فإذا هم الضّعف على قريش، فمات ابن عمي وأما أنا فتماسكت وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلّم وأسلم وحسن إسلامه.
قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة- وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام- إلا ما رأى يوم بدر، قيل: وما رأى يوم بدر؟ قال: أما أنه قد رأى جبريل يزع الملائكة. قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يومئذ: هذا جبريل يسوق الريح كأنه دحية الكلبي، إني نصرت بالصّبا، وأهلكت عاد بالدّبور. وحدثني أبو إسحاق بن أبي عبد الله، عن عبد الواحد بن أبي عون، عن صالح ابن إبراهيم قال: كان عبد الرحمن بن عوف يقول: رأيت يوم بدر رجلين، عن يمين النبي صلى الله عليه وسلّم أحدهما، وعن يساره أحدهما، يقاتلان أشد القتال، ثم ثلثهما ثالث من خلفه، ثم ربعهما رابع أمامه.
وحدثني أبو إسحاق بن أبي عبد الله عن عبد الواحد بن أبي عون عن زياد مولى سعد، عن سعد قال: رأيت رجلين يوم بدر يقاتلان عن النبي صلى الله عليه وسلّم، أحدهما عن يساره والآخر عن يمينه، وإني لأراه ينظر إلى ذا مرة، وإلى ذا مرة، سرورا بما ظفّره الله تعالى.
حدثني إسحاق بن يحيى عن حمزة بن صهيب عن أبيه قال: ما أدري كم يد مقطوعة، أو ضربة جائفة لم يدم كلمها يوم بدر، قد رأيتها!.
وحدثني محمد بن يحيى عن أبي عفير عن رافع بن خديج، عن أبي بردة بن نيار قال: جئت يوم بدر بثلاثة رءوس فوضعتهن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله! أما رأسان فقتلتهما، وأما الثالث، فإنّي رأيت رجلا أبيض طويلا ضربه فتدهدى أمامه، فأخذت رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ذاك فلان من الملائكة». وكان ابن عباس يقول: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
وحدثني أبو حبيبة عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان الملك يتصور في صورة من يعرفون من الناس يثبتونهم فيقول: إني قد دنوت منهم فسمعتهم يقولون: لو حملوا علينا ما ثبتنا، ليسوا بشيء، وذلك قول الله تبارك وتعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} 8: 12 إلى آخر الآية.
وحدثني موسى بن محمد عن أبيه قال: كان السائب بن أبي حبيش الأسديّ يحدث في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: والله ما أسرني أحد من الناس، فيقال: فمن؟ فيقول: لما انهزمت قريش ما انهزمت معها، فيدركني رجل طويل أبيض على فرس أبلق بين السماء والأرض، فأوثقني رباطا، وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا، وكان عبد الرحمن ينادي في العسكر: من أسر هذا؟ فليس أحد يزعم أنه أسرني، حتى انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من أسرك؟ قلت: لا أعرفه، وكرهت أن أخبره بالذي رأيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: أسره ملك من الملائكة كريم، اذهب يا ابن عوف بأسيرك، فذهب بي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقال السائب، فما زلت تلك الكلمة أحفظها، وتأخر إسلامي حتى كان ما كان من إسلامي.
وحدثني عائذ بن يحيى عن ابن الحويرث عن عمارة بن أكيمة الليثي عن حكيم ابن حزام قال: لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بوادي خلص بجاد من السماء قد سد الأفق، فإذا الوادي يسيل نملا، فوقع في نفسي أن هذا شيء من السماء أيّد به محمد صلى الله عليه وسلّم، فما كانت إلا الهزيمة، وهي الملائكة.
حدثني موسى بن يعقوب عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم، عن رجل من بني أود قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول وهو يخطب بالكوفة:
بينا أنا أسيح في قليب ببدر جاءت ريح لم أر مثلها قط شدة، ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى لم أر مثلها إلا التي كانت قبلها، ثم جاءت ريح أخرى لم أر مثلها إلا التي كانت قبلها، فكانت الأولى جبريل في ألف مع رسول الله، والثانية ميكائيل في ألف عن ميمنة رسول الله وأبي بكر، وكانت الثالثة إسرافيل في ألف نزل عن ميسرة رسول الله، وأنا في الميسرة، فلما هزم الله أعداءه حملني رسول الله على فرس فلما جرت خررت على عنقها، فدعوت ربي فأمسكني حتى استويت، وما لي والخيل، إنما كنت صاحب غنم، فلما استويت طعنت بيدي هذه حتى اختضبت مني ذا، يعني إبطه. وفي مغازي ابن عقبة: أن ابن مسعود وجد أبا جهل جالسا لا يتحرك ولا يتكلم، فسلبه درعه، فإذا في بدنه نكت سود، فحلّ سبغة البيضة وهو لا يتكلم، واخترط سيفه- يعني سيف أبي جهل- فضرب به عنقه ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين احتمل رأسه إليه عن تلك النكت السود التي رآها في بدنه، فأخبره عليه السلام أن الملائكة قتلته، وأن تلك آثار ضرب الملائكة له.